السويداء: مجزرة دموية بالكاد تم ذكرها من قبل الإعلام الغربي حيث قامت داعش بذبح مدنيين أبرياء أثناء نومهم.

● مجزرة داعش في السويداء: قصة عذاب وصمود, لعالم غير آبه.

مقال للكاتبة البريطانية: فانيسا بيلي .

نشر بتاريخ 14 كانون الأول 2018.

Soad Adib Abo Ammar, one of the ISIS hostages liberated by the SAA on November 8, 2018. Photo | Vanessa Beeley

السويداء، سوريا – في 25 تموز 2018 ، هاجم إرهابيو داعش مدينة السويداء وقراها الواقعة في الريف المحيط بالمدينة. المجزرة التي أعقبت ذلك الهجوم كانت واحدة من أكثر المجازر دموية خلال ثمان سنوات من تاريخ النزاع السوري، وكان التعتيم الإعلامي عليها في الغرب هو سيد الموقف. غض تحالف الولايات المتحدة الأمريكية – الذي يحتل الأراضي السورية بشكل غير مشروع – الطرف عن دخول إرهابيي داعش الذين يدعي أنه يشن حرباً عليهم إلى القرى السبع الواقعة إلى الشرق من مدينة السويداء بهدف سفك دماء قاطنيها بطريقة وحشية.

في الساعة الرابعة صباحاً تسللت المجموعة الإرهابية تحت جنح الظلام, وحاصرت كل قرية من القرى، وقامت بنشر القناصة حول القرى وعلى طول الطريق المستقيم الذي يربطها جميعًا لمنع المدنيين من المغادرة أو القدوم لنجدة الآخرين. دخل مقاتلو داعش المنازل وقتلوا المدنيين – حتى الأطفال الذين كانوا نياماً غير مدركين للرعب الذي كان يقترب. في قرية الشبكي تم قطع رأس طفل معوق أثناء نومه, وفي قرية الشريحي “كانت الطرق ممتلئة بالدماء” وفقا لما ذكره أحد سكان القرية وهو هـ. صعب (لن يتم ذكر اسمه بالكامل لأسباب أمنية) الذي فقد 35 فرداً من أفراد عائلته في الهجوم.

في أيلول 2018 ، قمت بزيارة ثلاثة من القرى السبع التي تعرضت للهجوم خلال شهر تموز. السويداء هي محافظة تقع على بعد حوالي 110 كم إلى الجنوب من دمشق, وهي موطن الطائفة الدرزية في سوريا التي بقيت صامدة وموالية للدولة السورية وللجيش العربي السوري طوال حرب تغيير النظام التي شنت ضد سوريا من قبل التحالف الأمريكي وتركيا ودول الخليج وإسرائيل لمدة ثماني سنوات طويلة. حتى تاريخ هذه المجزرة ، نادراً ما تسبب النزاع الحاصل بفواجع بهذا الحجم للدروز. لقد نجح الجيش العربي السوري دائماً في إغلاق الباب في وجه تقدم داعش باتجاه هذه المحافظة الصامدة بضراوة.

تمت تغطية هذا الهجوم بشكل سطحي (1) في أحسن الأحوال من قبل وسائل الإعلام, وبالتأكيد لم تتم الإشارة  إليه على أنه أحد أبشع الجرائم التي ارتكبتها جماعة إرهابية تتمتع بمباركة وحماية التحالف الأمريكي المتموضع في التنف على بعد 330 كم إلى الشمال الشرقي من مدينة السويداء والقرى المستهدفة. انطلق مقاتلو داعش من اتجاه تلال الصفا، وهي منطقة صحراوية بركانية تقع على بعد حوالي 100 كيلومتر شمال شرق مدينة السويداء. لم تقم قاعدة التنف العسكرية المدججة بمعدات المراقبة باكتشاف عملية داعش أو بالرد عليها في أي مرحلة من مراحل الهجوم. أشار الصحفي المختص بشؤون الشرق الأوسط إيليا مغناير إلى ذلك حينها قائلاً “داعش علمت أنه يمكن لقافلتها أن تتحرك تحت أعين دولة عظمى [الولايات المتحدة] دون أن تشعر بالقلق” (2).

[ (1)- https://www.theguardian.com/world/2018/jul/25/dozens-dead-suicide-attack-syria-sweida-isis 

(2)- https://ejmagnier.com/2018/07/26/the-isis-suweida-attack-is-a-message-to-its-branch-in-quneitra-and-to-russia-and-damascus/ ]

وكما هو الحال دائماً، سيتم تجاهل الضحايا الحقيقيين لهذه الحرب التي دامت 8 سنوات وإسدال الستار عليهم، بينما يستمر التركيز على تبرئة مرتكبي الجرائم ضد الشعب السوري – “الثوار” – بتبييض صورة العصابات الإرهابية التي سمح لها التحالف الأمريكي وممولوه ذوي الإيديولوجية الطائفية من دول الخليج – الذين تصفهم وسائل الإعلام الاستعمارية بـ “المعتدلين”- بالتجول بحرية في جميع أنحاء سوريا.

خلال رحلتنا إلى السويداء ، سألت دليلنا هـ. صعب ، ما الدافع وراء هذه الهجمات الوحشية باعتقاده, فأجاب:

” أعتقد أن ذلك كان لإجبار الجيش العربي السوري على تخفيف الضغط عن إرهابيي داعش الذين مازالوا يقاتلون في حوض اليرموك القريب من الحدود مع أراضي الجولان التي اقتطعتها إسرائيل بشكل غير قانوني. تم منح داعش الحماية ضمن المنطقة العازلة المحيطة بقاعدة التنف والتي يبلغ عمقها 55 كم, ولا يُسمح للجيش العربي السوري بدخول هذه المنطقة على الرغم من كونها أراضي سورية. ربما كان الهدف هو إعطاء داعش ممراً للهروب إلى القاعدة الأمريكية في التنف والمنطقة العازلة المحيطة بها حيث يمكنهم الحصول على المعدات والحماية من التحالف الأمريكي.”

اقترح هـ. صعب أيضا أن داعش ربما كانت تريد بالفعل السيطرة على القرى، لأنها كانت ستوفر لها معقلًا يسهل الدفاع عنه، حيث أنها تقع على منطقة مرتفعة وفيها شبكات من الكهوف القديمة وممرات تحت الأرض يمكن استخدامها كمخابئ محصنة ضد القصف ونيران المدفعية.

[ صورة بعنوان: جبل البازلت في الطريق إلى السويداء | بكاميرا فانيسا بيلي.

رابط الصورة: https://www.mintpressnews.com/wp-content/uploads/2018/12/DSCF1412_edited.jpg ]

تمتلك السويداء جانبًا آخر: مساحات شاسعة من الصحراء وسفوح جبال مليئة بالأشجار المثمرة وجبل بازلت جميل يرتفع من الأرض كمسلة ضخمة لامعة على جانب الطريق الذي يوصلك إلى هذا المنطقة البيزنطية الغنية تاريخياً. يعود تاريخ المدن والقرى إلى القرن الأول قبل الميلاد ، حيث اشتهر العديد منها بجودة نبيذها: سميت السويداء ديونيسياس خلال العصر الهلنستي والروماني. ديونيسوس هو إله النبيذ, وما تزال السمعة الممتازة لهذه المنطقة القديمة المنتجة للنبيذ مستمرة حتى اليوم.

[ صورة بعنوان: أحد النصب التذكارية للجنود الشهداء في السويداء | بكاميرا فانيسا بيلي.

رابط الصورة: https://www.mintpressnews.com/wp-content/uploads/2018/12/DSCF1439_edited.jpg ]

لقد قمت سابقاً بوصف المناظر المحيطة في مقال كتبته سابقاً بعنوان “السويداء: مجزرة دموية بالكاد تم ذكرها من قبل الإعلام الغربي حيث قامت داعش بذبح مدنيين أبرياء أثناء نومهم.”

(رابط المقال: https://21stcenturywire.com/2018/10/06/sweida-a-bloody-massacre-barely-registered-by-western-media-as-isis-slaughter-innocent-civilians-in-their-sleep/ )

” عندما دخلنا محافظة السويداء ، بدأنا نرى النصب التذكارية المتقنة للشهداء الذين استشهدوا في حرب سوريا ضد الإرهاب المدعوم من الغرب. أخبرنا دليلنا أن هذه النصب التذكارية الجميلة هي تكريم للجنود الذين ضحوا بحياتهم دفاعاً عن وطنهم. يتم وضع العديد من هذه النصب المثيرة للإعجاب على مداخل القرى ‘لكي تبقى أسماؤهم خالدة في أذهان من استطاعوا أن يعيشوا بسبب استشهادهم”.

قيل لنا أن بعض تلك القبور تعود أيضاً إلى الثورة السورية الكبرى أو “الثورة الدرزية الكبرى” عام 1925 ضد فرنسا. إنه لأمر رائع أن تراها تنبثق من السهول الصحراوية الجافة ومن ورائها التلال والأشجار المتبعثرة على مدى المناظر الطبيعية الممتدة أمامنا .”

في شهر أيلول ، كان هناك حجاب قاتم ما يزال يرخي بظلاله على تلك القرى ، وغضب مفهوم بسبب حمام الدم الذي أثقل كاهلها. كان الغضب موجهًا بشكل كبير للولايات المتحدة وحلفائها ، وخاصة بريطانيا. كان الحس الغالب هو أن تلك المجزرة ما كان لها أن تحدث إلا بتواطؤ التحالف الأمريكي وتعاونه مع الكيان الإرهابي المسمى “داعش” الذي تزعم واشنطن أنها تحاربه. تداعيات هذا الاعتقاد هائلة – فسبب وجود التحالف الأمريكي في سوريا هو “القضاء” على داعش، ولكن هنا لدينا مدنيين يقولون لنا أنه من وجهة نظرهم المبنية على دراية جيدة، تمت حماية داعش وتضاعفت قوتها بسبب تواجد الولايات المتحدة في التنف.

[ صورة بعنوان: عائلة درزية تزور نصب تذكارياً بني لتكريم أولئك الذين استشهدوا في هجوم داعش على السويداء.

رابط الصورة: https://www.mintpressnews.com/wp-content/uploads/2018/12/AP_18278371764818_edited.jpg  ]

تم ذبح 270 مدنياً خلال الساعات القليلة التي احتدمت فيها المعارك بين داعش والمدنيين الذين كان الكثير منهم مسلحين ببنادق صيد في أحسن الأحوال. أصيب أكثر من 300 رجل وامرأة وطفل آخرين. بدأت داعش بدخول المنازل منذ الساعة الرابعة صباحاً وقامت بقتل سكانها بوحشية. تم اتخاذ تلك المنازل ذاتها كمواقع للقنص من قبل الإرهابيين، ومن هذه النقاط الحاكمة قنصت داعش عشرات من الشبان الذين تدفقوا للدفاع عن بلداتهم بمجرد أن تلاشت الصدمة الأولية للهجوم.

قال خالد صعب: ” نزف الكثير من شبابنا ونساءنا وأطفالنا حتى الموت في الشارع. لم يتمكن أحد من الوصول إليهم أو نقلهم إلى المستشفى. وإن حاولوا كان يتم قنصهم.”

استشهد والد ووالدة وأخ وابن عم خالد صعب في الهجوم على قرية الشريحي، حيث تم ذبح 37 مدنياً. أخبرني خالد أنه يعتقد أن مقاتلي داعش كانوا تحت تأثير المخدرات ، ومن المحتمل أن يكون المخدر الذي تعاطوه هو الكبتاغون. وقال: 

“أطلقنا عليهم الكثير من الأعيرة النارية لكنهم استمروا في القتال”.

في كانون الثاني 2017 (1) ، قال مسؤولو الجمارك أنه “تم ضبط 137 كيلوغراما على الأقل من الكبتاغون – الذي يطلق عليه اسم” المخدر الجهادي” أو” مخدر الصراع السوري”- في مطار شارل ديغول في باريس وذلك في سابقة من نوعها في فرنسا، وأضافوا أن” نصف تلك الشحنة غير المشروعة كانت متجهة إلى السعودية”. الكبتاغون هو منشط نفسي يستخدم لتنشيط الأداء من قبل العصابات المتطرفة التي غزت سوريا منذ عام 2011.

[ رابط (1): https://www.rt.com/news/390203-france-seize-jihadist-drug/ ]

وفقاً لخالد فإن مقاتلي داعش كانوا مجهزين جيداً بأسلحة ومركبات حديثة وباهظة الثمن, وهو يعتقد أن التحالف الأمريكي قام بتزويدهم بها:

“هذه المجموعات ، جميعها مدعومة من قبل بريطانيا والولايات المتحدة ودول الخليج لاستهداف وتدمير بلداتنا الآمنة. عبر التاريخ قدمت سوريا الشهداء ونحن مستعدون للتضحية بأرواحنا من أجل أرضنا على الرغم من مهاجمة أكثر من 120 دولة لسوريا مستخدمين الجماعات الإرهابية كأدوات لهم، وعليهم أن يعلموا أننا سنقف ونقاتل للدفاع عن أرضنا وعن شعبنا.”

تم قتل 53 من مقاتلي داعش على أيدي القرويين المدافعين عن عائلاتهم ومنازلهم. أخبرنا خالد أن غالبيتهم كانوا من المرتزقة الأجانب:

“بعد أن قتلنا إرهابيي داعش تحققنا من هوياتهم. كانوا شيشانيين وسعوديين وعراقيين وفلسطينيين ومصريين و صوماليين. كان أحدهم يرتدي حزامًا ناسفاً، ولم يبق منه شيء بعد أن قام بتفجيره”.

● إفادات المدنيين حول الرعب وسفك الدماء:

خلال الوقت الذي أمضيته في تلك القرى، فاضت القصص المروعة من كل فرد قابلته (1) . كان من الصعب استيعاب حجم سفك الدماء الذي حدث في وقت قصير نسبياً بين الرابعة صباحاً والفترة المبكرة من بعد الظهر، عندما تم دحر إرهابيي داعش في النهاية قبل فرارهم باتجاه تلال الصفا. أخبرني (2) أحد السكان الآخرين ، زياد صعب ، الذي تم إعدام شقيق زوجته في أحد المنازل الأولى الواقعة في مدخل قرية الشريحي:

“لقد تأثرنا في هذه المنطقة وفي جميع أنحاء سوريا بالإرهاب الذي تم تأسيسه على أيدي الدول العظمى – الولايات المتحدة وبريطانيا، وللأسف، العديد من الدول العربية. النقطة الرئيسية التي أود أن أوضحها هي أن جميع القرى السبع التي هاجمتها داعش هي قرى “آمنة” ، وليس هناك وجود للجيش، ولا توجد نقاط تفتيش، ولا مناطق عسكرية. داعش هاجمت المدنيين الأبرياء والدليل هو أن جميع الشهداء كانوا مدنيين.”

[ (1)- https://21stcenturywire.com/2018/10/06/sweida-a-bloody-massacre-barely-registered-by-western-media-as-isis-slaughter-innocent-civilians-in-their-sleep/

(2)- https://www.youtube.com/watch?time_continue=55&v=YMeAStG2054 ]

[ صورة بعنوان: الطفلة غلا ابنة الأشهر الستة التي تم قتل والدها رمياً بالرصاص من قبل إرهابيي داعش على بعد 90 متر من منزل زياد صعب | بكاميرا فانيسا بيلي.

رابط الصورة: https://www.mintpressnews.com/wp-content/uploads/2018/12/IMG_1480_edited-768×859.jpg ]


بينما كنا نتناول الإفطار مع زياد وعائلته ، تم إحضار الطفلة غلا إلى الغرفة. غلا عمرها ستة أشهر، قُتِل والدها رمياً بالرصاص من قبل مقاتلي داعش في ٢٥ تموز وعلى بعد ٩٠ متراً فقط من منزل زياد المثخن بالرصاص . بينما كنت أراقب غلا وهي بين يدي هـ. صعب ، والابتسامات تتفتح على وجهها الصغير الرائع، كان من المفجع معرفة مقدار المعاناة والخسارة التي سيكون على هذا العدد الكبير من الأطفال في السويداء وفي جميع أنحاء سوريا أن يكبروا معها نتيجة لهذا العنف العبثي الأحمق عديم المشاعر.

وسام سليمان، السوري الذي كان يتابع الأحداث في السويداء عن قرب، وصف على فيسبوك فاجعة هجمات داعش على ريف السويداء كاتباً:

“تخيل لو كانت هذه القرية قريتك! أو كان هذا الحي حيك! تخيل لو كان أحد هذه المنازل هو منزلك! تخيل لو أن الأمر نفسه حدث لك! تخيل لو أنك فقدت أحد أفراد عائلتك، أو ربما اثنين، أو ربما أكثر! تخيل أن أمك أو أختك أو ابنتك أو ابنك ما يزالون مختطفين الآن لدى أسوء مجموعة إرهابية على الإطلاق ، داعش!

وفوق كل ذلك، تخيل أن ذلك لم يعنِ شيئًا لنصف إخوتك وأخواتك في الإنسانية في هذا العالم ، فقط لأنهم ما زالوا نائمين أو غافلين في أحلام اليقظة ويرفضون الاستيقاظ! ما يؤلمك هو أنهم لو كانوا قد استيقظوا قبل سبع سنوات لكان العديد من أحبائك ما يزالون حولك الآن ، لكنهم لم يفعلوا ذلك ، لأنهم ما زالوا يرفضون الاستيقاظ! ”

[ صورة بعنوان: قرية الشبكي: أحد المنازل التي استولت عليها داعش واستخدمتها كموقع للقنص | بكاميرا فانيسا بيلي.

رابط الصورة: https://www.mintpressnews.com/wp-content/uploads/2018/12/IMG_1496_edited-768×576.jpg ]

في قرية الشبكي ، وهي القرية التالية التي زرتها، ازداد حجم العنف وسفك الدماء. هنا تم ذبح 60 مدنياً، وتم احتجاز 29 شخصاً معظمهم من النساء والأطفال من قبل عصابات داعش الهاربة. قيل لي خلال زيارة إلى الشبكي في شهر تشرين الثاني أن 12 رجلاً فقط كانوا موجودين للدفاع عن القرية في وقت مبكر من هجوم داعش ، لكنهم تمكنوا من وقف تقدم داعش حتى وصول التعزيزات بعد فترة وجيزة. عند مدخل القرية كانت هناك سيارة محترقة مغمورة في الأرض المرصعة بالصخور.

[ صورة بعنوان: سيارة محترقة على مدخل قرية الشبكي | بكاميرا فانيسا بيلي.

رابط الصورة: https://www.mintpressnews.com/wp-content/uploads/2018/12/DSCF1487_edited-768×512.jpg ]


كانت السيارة – وهي من نوع سكودا- تعود لبهجت عطا الله صعب الذي حاول إنقاذ زاهي جاد الله صعب وزوجته وابنه عاصم زاهي صعب طالب الحقوق. تم استهداف السيارة بينما كانوا يحاولون الفرار من هجوم داعش على قرية الشبكي الذي بدأ في الساعة الرابعة من صباح يوم 25 تموز 2018. تعرضت السيارة لهجوم من قبل قناصة داعش قبل أن يتم استهدافها بقذيفة آر بي جي حولت السيارة إلى أتون لم يتمكن أي من الركاب من الهروب منه. الشهيد بهجت صعب كان يعمل مدرسا للغة العربية. ”  فانيسا بيلي .
من مقالها المعنون: “السويداء: مجزرة دموية بالكاد تم ذكرها من قبل الإعلام الغربي حيث قامت داعش بذبح مدنيين أبرياء أثناء نومهم.”

[ رابط المقال: https://21stcenturywire.com/2018/10/06/sweida-a-bloody-massacre-barely-registered-by-western-media-as-isis-slaughter-innocent-civilians-in-their-sleep/  ]

تحدثنا في قرية الشبكي إلى حازم وهو طالب يدرس البحوث العلمية في السنة الثالثة في جامعة دمشق ، تلقى حازم الأنباء عن الهجوم على عائلته عند الساعة 4:40 صباح يوم 25 تموز بينما كان يقيم في مدينة السويداء. وبعد رحلة خطرة عبر طرق غير مباشرة إلى الشبكي، دخل القرية في الساعة الخامسة والنصف صباحاً وسط تبادل عنيف لإطلاق النار بين القرويين وداعش.

[ صورة بعنوان: المضافة أو غرفة الاستقبال في قرية الشبكي | بكاميرا فانيسا بيلي.

رابط الصورة: https://www.mintpressnews.com/wp-content/uploads/2018/12/Madafa_edited-768×576.jpg ]

تحتوي جميع المنازل في السويداء على غرفة استقبال تقليدية تسمى المضافة، وتكون دائماً أكثر الغرف تألقاً وامتلاء بالضوء في المنزل. في ضوء الشمس المنسكب من خلال الزجاج على أرضيات الرخام المصقولة ، استمعت إلى حازم وهو يسرد أحداث ذلك اليوم، أخبرنا أن أسرته ومدنيين آخرين تم اعتقالهم واقتيادهم إلى ما يعرف باسم “البيت البدوي” على أطراف القرية، البيت الذي يتوضع مقابل السهول الصحراوية الشرقية التي تفصل الشبكي عن قاعدة التنف العسكرية الأمريكية.

[ صورة بعنوان: البيت البدوي حيث تم إعدام الرجال الذين تم أسرهم من قبل داعش | بكاميرا فانيسا بيلي.

رابط الصورة: https://www.mintpressnews.com/wp-content/uploads/2018/12/DSCF1491_edited-768×512.jpg ]


أخذ إرهابيو داعش جميع الرجال إلى الخارج وأعدموهم بدم بارد وكان من بينهم والد حازم وإخوته وابن عمه وجاره، ثم أُجبرت النساء والأطفال على الخروج لرؤية جثث آبائهم وأبنائهم وأزواجهم قبل أن يتم اقتيادهم كرهائن وأجبروا على السير باتجاه تلال الصفا. تمكن عدد قليل من أولئك الذين تم اختطافهم من الإفلات من مختطفيهم الداعشيين والعودة إلى الشبكي حيث قضوا الليل في منزل مهجور خارج القرية حتى بزوغ الفجر إلى أن استطاعوا التأكد أن القرية لا تزال تحت سيطرة أصدقائهم وعائلاتهم. كان من بين الذين فروا أم حازم وشقيقة زوجته. تم في نهاية المطاف اختطاف 29 رهينة من قبل مرتزقة داعش.

أثناء المسيرة القسرية نحو تلال الصفا ، انهارت زوجة عم حازم ، غصون حسن أبو عمار, ولم تعد قادرة على مواصلة السير. تركتها المجموعة الأولى من مقاتلي داعش على جانب الطريق ورفضت السماح لأي شخص بالبقاء معها. في وقت لاحق ، قيل لي أن مجموعة أخرى من إرهابيي داعش لحقت بهم قامت بإعدامها على الطريق. في نهاية المطاف تم استرجاع جسدها في اليوم التالي على بعد 6 كيلومترات من القرية.

[ صورة بعنوان: صورة مهند ذوقان أبو عمار الذي تم قطع رأسه من قبل داعش بعد ثمانية أيام من الهجوم الذي حدث في 25 تموز 2018 | بكاميرا فانيسا بيلي.

رابط الصورة: https://www.mintpressnews.com/wp-content/uploads/2018/12/DSCF1657_edited-768×512.jpg ]

بعد ثمانية أيام من الهجوم, قامت داعش بإعدام أحد الشبان القلائل في مجموعة الرهائن. تم إعدام الطالب الجامعي مهند ذوقان أبو عمار البالغ من العمر عشرين عاماً بقطع رأسه بوحشية من قبل داعش وفقاً للمعلومات التي أعطتها عائلته في الشبكي.

[ صورة بعنوان: في الجهة اليسرى: ثروت فاضل أبو عمار تم إعدامها من قبل داعش في 2 تشرين الأول 2018. في الجهة اليمنى: زاهية فواز الجباعي التي توفيت في 9 آب 2018 لأسباب صحية فاقمتها ظروف الاختطاف التي فرضتها عليهم داعش | بكاميرا أحد أبناء قرية الشبكي.

رابط الصورة: https://www.mintpressnews.com/wp-content/uploads/2018/12/Sweida_edited-768×388.jpg ]

في 2 تشرين الأول ، بعد وقت قصير من مغادرتي سوريا ، قامت داعش بإعدام ثروت فاضل أبو عمار حيث أطلقوا عليها النار في الرأس وصوروا النهاية الشنيعة لحياة أم شابة لإهانة المدنيين في السويداء و تهديدهم بتنفيذ المزيد من عمليات الإعدام في حال قيام الجيش العربي السوري بملاحقة تنظيم داعش. وقد صدرت تهديدات من قبل داعش بتنفيذ عمليات إعدام أخرى إذا لم يقم الجيش العربي السوري بكبح حملته العسكرية للقضاء على داعش في حوض اليرموك ، مما يدعم نظرية “صعب” بأن هذا كان أحد دوافع داعش وراء الهجوم.

[صورة بعنوان: مروة عصام الأباظة, أحد الرهينات اللاتي تم إعدامهن من قبل داعش بعد خمسة أشهر فقط من زواجها بمجدي أبو عمار | بكاميرا أحد أبناء قرية الشبكي.

رابط الصورة: https://www.mintpressnews.com/wp-content/uploads/2018/12/Marwa_edited.jpg ]


كانت مروة عصام الأباظة زوجة مجدي أبو عمار، كانا قد تزوجا قبل خمسة أشهر فقط، وكانت الأباظة ثاني امرأة رهينة يتم إعدامها من قبل داعش.

قبل أن نغادر شبكي في شهر أيلول، طلب حازم أبو عمار أن يقوم بتسجيل رسالة  فيديو(1) حول ضحايا الاختطاف الباقين الذين كان معظمهم من النساء والأطفال:

[ (1)- https://www.youtube.com/watch?v=2v0Z9XHkGnA


● عملية الجيش العربي السوري لتحرير السويداء:

[ صورة بعنوان: جندي سوري يتأمل المشهد الذي لا يرحم في تلال الصفا شمال شرق السويداء | صورة فانيسا بيلي.

رابط الصورة: https://www.mintpressnews.com/wp-content/uploads/2018/12/1_edited-768×512.jpg ]

وصف إيليا ج. مغناير- وهو محلل وصحفي مختص بشؤون الشرق الأوسط – كيف استفاد إرهابيو داعش من الوجود الأمريكي في قاعدة التنف العسكرية قائلاً:

“استفاد داعش من الحزام الأمني الأمريكي المحيط بقاعدته العسكرية في التنف الذي يمنع على الجيشين السوري والعراقي من اختراقه لملاحقة داعش عند الحاجة. استفادت داعش من الإجراءات الأمريكية واستخدمت المنطقة للعبور إلى الشمال حيث يتواجد الجزء الأكبر من قواتها “.

مباشرة بعد قيام داعش بتنفيذ الهجمات في مدينة السويداء والقرى الشرقية ، قام الجيش العربي السوري بتكثيف عملياته من أجل هزيمة داعش في المنطقة في نهاية المطاف وتحرير الرهائن الذين تم اختطافهم من السويداء واقتيدوا إلى داخل المنطقة الخاضعة لسيطرة داعش ضمن التضاريس البركانية المحفوفة بالمخاطر لتلال الصفا.

[ صورة بعنوان: التضاريس المحفوفة بالمخاطر في البادية – منطقة تلال الصفا التي كان معقلاً لداعش شرق السويداء | بكاميرا فانيسا بيلي.

رابط الصورة: https://www.mintpressnews.com/wp-content/uploads/2018/12/IMG_9612_edited-768×512.jpg  ]

في 14 تشرين الأول 2018 ، أفادت وكالة الأنباء العربية السورية (سانا) (1) أن وحدات من الجيش العربي السوري – بالتعاون مع القوات الصديقة – ما تزال مستمرة في تضييق الخناق على إرهابيي داعش في أعماق الجروف والمنحدرات الصخرية في تلال الصفا ، “آخر معقل لتنظيم داعش في البادية الشرقية للسويداء”. كان الجيش العربي السوري يتقدم بلا هوادة كاشفاً أكواماً من الأسلحة والذخائر المقدمة من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي (2) والتي خلفها الإرهابيون المنسحبون خلفهم.

[ (1)- https://sana.sy/en/?p=148855

(2)- https://southfront.org/syrian-army-finds-us-supplied-weapons-in-isis-hideouts-in-al-safa-video/ ]

في 27 تشرين الثاني 2018 ، تم نشر شريط فيديو (1) من قبل أحد وسائل الإعلام الروسية راسافيسنا (Rusvesna) (2) يظهر فيه جنود الجيش العربي السوري وهم يكشفون مخابئ للأسلحة في تلال الصفا. كما قامت “جبهة الجنوب” (SouthFront) ، وهي وسيلة إعلامية مستقلة تتابع الصراع السوري عن كثب بجمع ملفات الفيديو تلك وأوردتها (3) في أحد تقاريرها:

“احتوت مخابئ الأسلحة على صاروخ موجه من طراز تاو (TOW) المضاد للدبابات (ATGM) أمريكي الصنع ، وثلاثة قذائف موجهة مضادة للدبابات (ATGM) من طراز فاغوت (Fagot) بلجيكية الصنع ، وصاروخين مضادين للدبابات من طراز RPG-22 سوفيتيي الصنع ، وسلاح مضاد للدبابات من طراز أوسا – م79 (M79 Osa) يوغسلافي الصنع مع 6 قذائف “.

[ (1)- https://southfront.org/syrian-army-finds-us-supplied-weapons-in-isis-hideouts-in-al-safa-video/

(2)- https://southfront.org/syrian-army-finds-us-supplied-weapons-in-isis-hideouts-in-al-safa-video/

(3)- https://southfront.org/syrian-army-finds-us-supplied-weapons-in-isis-hideouts-in-al-safa-video/ ]

في وقت سابق من شهر تشرين الثاني أظهرت الصور المأخوذة من الهاتف المحمول لأحد مقاتلي داعش (1) الذي تم القبض عليه أن “المجموعة الإرهابية كانت تستخدم البنادق الهجومية الأمريكية الصنع ونظام الدفاع الجوي المحمول مانباد (FN-6 – MANPAD) الصيني الصنع ، والذي حسب ما ورد تم توريدها بمساعدة من الولايات المتحدة وقطر إلى عدة مجموعات من الجيش السوري الحر في سوريا. كان خط الإمداد هو برنامج التدريب الأمريكي الفاشل المسمى “درّب وجهز” (2) الذي أقره الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في عام 2014 وأوقفه (3) الرئيس دونالد ترامب في عام 2017.

[ (1)- https://southfront.org/captured-isis-member-reveals-how-isis-in-al-safa-received-support-from-us-led-coalition-base-at-al-tanaf-photos/

(2)- https://www.wnyc.org/story/obama-asks-for-500-million-to-train-equip-syrian-rebels/

(3)- https://www.independent.co.uk/news/world-0/us-politics/trump-syria-rebel-funding-putin-russia-anti-assad-fighters-a7849971.html ]

اعترف مقاتلو داعش الذين تم إلقاء القبض عليهم أنهم كانوا يتلقون مساعدات وأسلحة مباشرة من القاعدة الأمريكية في التنف. وفقا لتقرير “جبهة الجنوب” (1)، قال أبو عبد الله ميادين عضو تنظيم داعش للصحفيين السوريين في 9 تشرين الثاني:

“تلقينا إمدادات من القاعدة الأمريكية في التنف عبر أبو عودة وأخيه سعيد وأبو علي البوري [أو البدوي] وهو عضو في داعش، وقد زودنا بسيارات ورشاشات آلية من عيار 23 ملم. “

[ (1)- https://southfront.org/captured-isis-member-reveals-how-isis-in-al-safa-received-support-from-us-led-coalition-base-at-al-tanaf-photos/ ]

[ صورة بعنوان: عبير شاغلين وأطفالها الأربعة بعد أن تم تحريرهم من داعش | سانا.

رابط الصورة: https://www.mintpressnews.com/wp-content/uploads/2018/12/AP_18312574095091_edited-768×512.jpg ]

في 20 تشرين الأول, وبعد مفاوضات بين الحكومة السورية وإرهابيي داعش ، تم إطلاق سراح ستة من الرهائن وكان من بينهم أربعة أطفال – يعرب الجباعي وملهم الجباعي وغيداء الجباعي وأمواج الجباعي – وامرأتان – عبير شاغلين ورسمية أبو عمار – بحسب تقرير وكالة الأنباء السورية سانا (1).

[ (1)- https://sana.sy/en/?p=149218 ]

بينما حاولت بعض المؤسسات الإعلامية الموالية للشركات (1) وبعض الشخصيات “المعارضة” مثل الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط (2) استغلال الارتباك الذي تلا هجوم داعش لمحاولة دق إسفين بين المجتمع الدرزي والحكومة السورية، أعرب جميع المدنيين الذين تحدثت إليهم عن امتنانهم (3) للطريقة التي تدخل بها الرئيس السوري بشار الأسد شخصياً في المفاوضات من أجل إطلاق سراح الرهائن وللتواصل شبه اليومي من قبل الحكومة مع قادة المجتمع المحلي لمتابعة التقدم في المحادثات.

[ (1)- http://www.arabnews.com/node/1348091/middle-east

(2)- https://www.middleeasteye.net/columns/sweida-perspective-syrias-druze-are-anything-isolated-minority-187650889

(3)- https://sana.sy/en/?p=149218 ]

كما امتد إعجابهم واحترامهم ليصل إلى الجيش العربي السوري الذي خاض حملة طويلة وشاقة لتطهير المنطقة الجنوبية من داعش.

● الأخبار التي انتظرها الجميع: 

[ فيديو: https://twitter.com/walid970721/status/1060990136635277312 ]

في 8 تشرين الثاني 2018 انتشرت أخيراً أخبار نجاح الجيش العربي السوري في تحرير مختطفي السويداء وتمكنه من هزيمة داعش في تلال الصفا. بعد ما تم وصفه (1) من قبل القادة الميدانيين بأنه عملية إنقاذ متشعبة ومعقدة, معقدة بسبب قيام مقاتلي داعش بنقل الرهائن باستمرار تجنباً لكشفهم, وفي 9 تشرين الثاني (2) عاد الرهائن الناجون إلى قرية الشبكي في مشهد مليء بالعاطفية والبهجة.

[ (1)- https://sana.sy/en/?p=150669

(2)- https://www.youtube.com/watch?v=NGoLFik97pc&t=3s ]

[ صورة بعنوان: جنود الجيش العربي السوري في البادية – منطقة تلال الصفا بعد تحرير الرهائن وهزيمة داعش | بكاميرا فانيسا بيلي.

رابط الصورة: https://www.mintpressnews.com/wp-content/uploads/2018/12/IMG_9689_edited-768×512.jpg ]

في 13 تشرين الثاني، استقبل الرئيس الأسد شخصياً النساء والأطفال المحررين وعائلاتهم وصرح حينها (1):

إن صمود المختطفين وذويهم وقوتهم وصبرهم خلال فترة الاختطاف من جهة، وعزيمة بواسل الجيش الذين ضحى بعضهم بدمه لتحرير المختطفين من نساء وأطفال من الجهة الأخرى، يشكلان درساً في الوطنية وفي العمل الوطني.‏ الدولة وضعت في أعلى سلم أولوياتها مهمة البحث عن كل مخطوف والعمل على تحريره مهما كلف الثمن، وهي وضعت كل إمكانياتها لتحقيق هذه المهمة وستستمر ببذل كل ما تستطيعه في سبيل ذلك.‏

[(1)- https://sana.sy/en/?p=151043 ]

[ فيديو: https://www.youtube.com/watch?v=gLXBPKMBWts ]

● تجاهل حمام الدم:

في حين وصفت المنظمة الدولية لرصد حقوق الإنسان (هيومن رايتس ووتش HRW) إقدام داعش على اختطاف الرهائن من السويداء بأنه “جريمة حرب” (1) ، كان غضب “المجتمع الدولي” صامتاً ، وأقل ما يمكن قوله هو أن تقرير هيومان رايتس ووتش حول الحادث فشل في توصيف الأعمال الوحشية التي ارتكبتها داعش في السويداء في 25 تموز. في الحقيقة، أدانت منظمة هيومان رايتس ووتش في نهاية التقرير (2) عمليات الإعدام العاجلة لاثنين من الرهائن لدى داعش على أنها “جريمة حرب” وخلصت إلى ما يلي – نقلاً عن نائبة المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش – لما فقيه:

“الانتقام ومحاولة الناس أخذ العدالة بيدهم ليسا الإجابة على فظائع داعش. بدون الالتزام بالعدالة عن الانتهاكات التي ترتكبها جميع الأطراف، سيكون من الصعب ردع المزيد من الانتهاكات”.

[ (1)- https://www.hrw.org/news/2018/08/25/syria-isis-holding-children-hostage

(2)- https://www.hrw.org/news/2018/08/25/syria-isis-holding-children-hostage ]

من ضمن المجتمع الدولي، كان وزير الخارجية الروسي بين القلائل الذين أدانوا (1) المذابح البشعة للمدنيين في السويداء. وكان صمت باقي قادة العالم ووسائل الإعلام مثالاً مروّعاً لأولوياتهم في سوريا ، التي من الواضح أنها لا تشمل الشعب السوري. 

وقد عبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بشكل لا لبس فيه عن رعبه (2) إزاء هجمات داعش في نفس اليوم الذي وقعت فيه ، لكن التصريحات التي أدلت بها وكالات الأمم المتحدة في وقت لاحق حرفت وجهة النظر حول من يجب أن يتحمل المسؤولية.

[ (1)- http://www.xinhuanet.com/english/2018-07/25/c_137348151.htm

(2)- https://www.un.org/press/en/2018/sgsm19144.doc.htm ]

ألقى مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان باللوم على الحكومة السورية ، زاعمًا أن مجموعات من إرهابيي داعش تضمنت العديد من “الذين تم إخلاؤهم مؤخرًا ونقلهم من مخيم اليرموك الفلسطيني والحجر الأسود ومنطقة التضامن جنوب دمشق” كجزء من اتفاق المصالحة المنفذ من قبل الحكومة السورية ،” وفقا للمتحدثة باسم المفوضية رافينا شامداساني (1) .

[ (1)- https://news.un.org/en/story/2018/07/1016002 ]

ومضت شامداساني إلى القول أن “حكومة سوريا عليها واجب اتخاذ إجراءات لمنع أعمال العنف التي قد تعرض أرواح المدنيين ومصالحهم للخطر – بما في ذلك عدم وضع الجماعات المسلحة مثل داعش في جوارها”.

تحارب الحكومة السورية غزوًا إرهابياً لبلادها منذ ثماني سنوات – وهو غزو تم تمويله وتجهيزه وتسليحه من قبل التحالف الأمريكي وحلفائه في تركيا والأردن والسعودية وقطر وإسرائيل. إن “وضع الجماعات المسلحة في المناطق القريبة من المدنيين” هو تماما من مسؤولية الولايات المتحدة وحلفائها، لقد أثبتت الأمم المتحدة في تصريحاتها إلى أي مدى كانت بمثابة قاعدة متقدمة للإمبراطورية الأمريكية، وداعمة للهيمنة الأمريكية وللعولمة في المنطقة.

أرسلت أليسون بانفيل المحررة في بي أس نيوز (BS News) (1) -وهي وسيلة إعلامية مستقلة- رسالة عب البريد الإلكتروني إلى جون سنو, الصحفي في القناة الرابعة البريطانية (Channel 4) لتسأل عن سبب عدم قيام القناة بتغطية المجزرة في السويداء. جرت محادثة البريد الإلكتروني على النحو التالي:

[ (1)- https://bsnews.info/ ]

[[ جون سنو: أليسون ، أنا متأكد من أننا قمنا بتغطيتها في القناة الرابعة الإخبارية … سأحاول تتبع ذلك … شكرًا على لفتك لانتباهي.

أليسون بانفيل: بالإضافة إلى ردكم على ما ورد أدناه بشأن مجزرة السويداء المرعبة في سوريا, والتي ذكرت فيها أنك “تعتقد” أن القناة الرابعة الإخبارية قد غطتها لكنك ستتحقق من ذلك ، يبدو أنه لا يوجد أي شيء حول هذا الموضوع على موقع القناة الرابعة الإخبارية .

هل حقا لم تقم النشرة بتغطية هذه الفظائع؟ وإذا لم تفعل عندئذ السؤال الواجب طرحه هو: لماذا؟

فيما يلي تقرير الصحفية فانيسا بيلي من الأرض في القرى التي هاجمتها داعش والشهادات الصادمة للشهود. أليس هذا ما كان ينبغي أن تفعله القناة الرابعة الإخبارية إذا كان العمل الصحفي هو ما تفعله؟ هؤلاء الناس يتوسلون لتُسمع أصواتهم. كيف يمكنك تبرير عدم تغطية هذا الموضوع؟

جون سنو: مثل الآخرين, نحن نعاني جداً من شح الموارد في سوريا … نحن الآن نعتمد كثيراً على “المراسلين المستقلين”. لم نكن أبداً قادرين على التحقق مما حدث … كما هو الأمر في حالات أخرى كثيرة … ونحن نتردد في نشر ما لا نستطيع التحقق منه بأنفسنا … أنا آسف إذا كان هذا يزعجك … لكن الأخبار المزيفة والمزاعم غير المدعومة لا تفيد سوريا في مواجهة عذاباتها ولا خساراتها. ]]

لا يتوقف الأمر عند محاولة سنو الإشارة إلى مجزرة السويداء على أنها “أخبار مزيفة” ، يجب الإشارة إلى أن (عدم وجود أي شخص على الأرض) لم يمنع القناة الرابعة من إنتاج تقارير متحيزة (1) لصالح “المعارضة” مستندة إلى أدلة أنتجها مثلاً الكيان البروباغاندي التابع لوزارة الخارجية وشؤون الكومنولث البريطانية (FCO) المدعو “الخوذ البيضاء” (2) . والحقيقة الواضحة هي أن مجزرة السويداء لا تفي بمتطلبات وزارة الخارجية البريطانية لتستطيع استخدامها في تجريم الحكومة السورية وحلفائها مع الحفاظ على أسطورة “الحرب على الإرهاب” أو ما يسمى بداعش في سوريا. ولهذا السبب لم تقم القناة الرابعة بتغطية هذه الجريمة ضد الإنسانية: لأنها “الإنسانية” الخاطئة <<التي لا تخدم مصالح القناة والنظام البريطاني>>.

[ (1)- https://www.channel4.com/news/over-40-killed-in-suspected-poison-gas-attack-in-douma-syria-activists-say

(2)- https://21stcenturywire.com/2018/10/17/syria-exclusive-vanessa-beeley-meets-the-white-helmets-and-armed-group-leader-in-daraa-al-balad/ ]

● العودة إلى المنزل – لقاء المختطفين بعد التحرير:

[ صورة بعنوان: في قرية الشبكي, اللقاء مع الرهائن المحررين من داعش بعد عودتهم إلى ( الحياة ” الطبيعية” مع عائلاتهم | بكاميرا فانيسا بيلي.

رابط الصورة: https://www.mintpressnews.com/wp-content/uploads/2018/12/47046084_10158567657588868_6747877720664834048_n_edited-768×576.jpg ]

في نهاية تشرين الثاني عدت إلى قرية الشبكي للقاء الرهائن المحررين وعائلاتهم. كان يومًا باردًا وضبابياً, إلا أن الدفء المألوف للترحيب الذي تلقيته بدد كل الكآبة التي كان من الممكن أن تتخلل اللقاء بينما كان ضحايا الاختطاف يعيشون بشكل واضح صدمة الأشهر الثلاثة التي قضوها تحت رحمة محتجزيهم الداعشيين.

[ صورة: جودت أبو عمار بجانب صورة ابنه الشهيد قصي الذي أصيب إصابة قاتلة أثناء عملية الإنقاذ التي قام بها الجيش العربي السوري.

رابط الصورة: https://www.mintpressnews.com/wp-content/uploads/2018/12/DSCF1653_edited-768×512.jpg ]

للأسف خلال مهمة الإنقاذ التي نفذها الجيش العربي السوري أصيب ولدان من بين الرهائن بجروح قاتلة, وهما رأفت أبو عمار البالغ من العمر 10 سنوات ، وقصي أبو عمار البالغ من العمر 13 عاماً. كان أول من تحدث معي عن هذه الخسارة هو والد قصي، جودت هنيدي أبو عمار ، الذي كانت زوجته وابنته شهد أيضاً من بين رهائن داعش إلى جانب قصي:

” في البداية ، عندما تلقينا أنباء التحرير ، اتصلوا بنا وأخبرونا أن المختطفين قد تم تحريرهم. في الحقيقة ، كانت فرحة كبيرة، شعور لا يوصف ، هذا ما كنا ننتظره بفارغ الصبر. لكن للأسف لم تكتمل الفرحة. أخبرونا في البداية أن قصي و رأفت جريحان ، شعرنا بشيء … بحرقة في القلب. وحوالي الساعة السابعة مساءً قالوا لنا إن قصي ورأفت استشهدا ، مزق ذلك الخبر قلوبنا.”

جلس جودت بجوار صورة ابنه قصي ، وهو رجل فخور وكريم ، لكنه كان متأثراً بشكل واضح بسبب الأحداث التي جرت خلال الأشهر الأربعة الماضية. ومضى ليصف كيف أن الرئيس الأسد جعل تحرير المخطوفين أولوية:

” الشكر الكبير للسيد الرئيس بشار الأسد, أطال الله عمره ، لأنه منذ بداية الهجوم على منطقتنا أرسل الوزير إلينا وتواصل معنا, وكان أحد أولوياته موضوع تحرير المختطفين . التمسنا ذلك بأنفسنا في اليوم الذي التقينا به. “

[ صورة بعنوان: جودت مع ابنته شهد التي كانت من بين الرهائن المحررين | بكاميرا فانيسا بيلي.

رابط الصورة: https://www.mintpressnews.com/wp-content/uploads/2018/12/46997100_10158567658038868_6957286642251988992_n_edited.jpg ]

أشاد جودت بشكل حاسم بدور الجيش العربي السوري في عملية التحرير وأعرب عن الحب والاحترام الذي يشعر به غالبية السوريين تجاه الجيش العربي السوري، الذين يعتبرون جنوده هم الشعب السوري:

“الشكر الكبير للجيش العربي السوري ، حماة البلاد ، حماة الأرض والشرف. منذ بداية الأزمة ولثماني سنوات ، كانوا في خضم الحرب. تقريباً جميع الدول المستعمرة والدول العربية – بشكل عام – اصطفت جنباً إلى جنب ضد سوريا ، لذا فالجيش العربي السوري يستحق شكرًا كبيرًا ، والفضل يعود لهم لأنهم أعادوا الفرحة إلى قلوبنا.”

تحدث جودت عن دور الإعلام والحكومات الغربية في المعاملة اللاإنسانية تجاه غالبية الشعب السوري الداعمين لحكومتهم ورئيسهم وجيشهم:

“نداؤنا هو للدول العظمى – أتمنى أن يكون لديهم ذرة من الإنسانية لكي يتعاملوا مع الناس كبشر وليس فقط كأعداد. ما ذنب هذا الطفل ليتم اختطافه من منزله؟ أو تلك المرأة البريئة كانت نائمة في منزلها عندما جاء [داعش] وخطفها؟ أناشدهم أن يكونوا إنسانيين، وأن يشعروا بالإنسان. الله خلقنا جميعاً كبشر – تعاملوا معنا بأخلاق، فالأخلاق يجب أن تكون أولوية، حتى في الحروب. “

[ صورة بعنوان: جودت وزوجته فاديا أبو عمار التي كانت أيضاً من بين الرهائن المحررين | بكاميرا فانيسا بيلي.

رابط الصورة: https://www.mintpressnews.com/wp-content/uploads/2018/12/47150360_10158567658028868_6093327024036773888_n_edited-768×576.jpg ]

أوضح جودت لي أن العديد من رجال القرية كانوا يعملون في دول الخليج عندما وقع الهجوم. انقضت خمسة أيام حتى تمكنوا من العودة إلى المأساة التي كانت في انتظارهم. كانت عائلة شقيق جودت أيضا من بين ضحايا الاختطاف. تمكن ابن جودت الآخر، قيس، من الفرار من مختطفيه الداعشيين في وقت مبكر من عملية الاختطاف وعاد إلى منزله بأمان.

كما عبر جودت عن الغضب ممن يقف حقاً وراء غزو داعش لمنازلهم والقتل الجماعي لعائلاتهم:

“لقد صنع الغرب عصابات داعش التي لا دين لها، والتي لا تعرف شيئًا عن الإنسانية ولا تمتلك ذرة من الأخلاق، ودعمها بالمال والسلاح، لكن من أجل ماذا؟ نحن نقف إلى جانب جيشنا وإلى جانب السيد الرئيس ونحثهم على مسح الإرهاب من أرض سورية كلها، وتحريرنا من رجس الإرهاب “.

[ صورة بعنوان: فاديا بادي أبو عمار زوجة جودت ووالدة قصي | بكاميرا فانيسا بيلي.

رابط الصورة: https://www.mintpressnews.com/wp-content/uploads/2018/12/47062850_10158567658178868_7481656072684437504_n_edited-768×576.jpg ]

كانت شهادة فاديا رحلة مليئة بالمشاعر بسبب ما تخللها من الخسائر والصدمات. جلست أقرب إلى صورة قصي وبكت عدة مرات وهي تحدثني عما عانوا منه من وحشية وإساءات داعش خلال ثلاثة أشهر.

عندما بدأ الهجوم ، جمعت فاديا أطفالها الثلاثة حولها – شهد وقصي وقيس. وظلوا مختبئين في منزلهم ، لكن داعش طرقوا بابهم طالبين إرسال الرجال إلى الخارج. بقيت فاديا صامتة ولكنها وصفت كيف تم إطلاق النار على المنزل لإخراجهم. أخبرتني فاديا كيف توجه الإرهابيون إلى المنازل وأخرجوا المدنيين إلى الشارع، ثم أجبروا هؤلاء المدنيين تحت تهديد السلاح على الطرق على أبواب الجيران لخداعهم وإغرائهم بالخروج.

أوضحت فاديا كيف تم استخدام هذه الحيلة لخداعهم أيضًا:

“عندما جاءت زوجة أخِ زوجي (سلفتي) وسمعت صوتها تقول “افتحوا الباب ، لا تخافوا ، نريد أن نذهب إلى الحي… وأشياء من هذا القبيل.” بالطبع لم أفتح الباب على الفور. انتظرت لأنني لم أكن أريد أن أفتح الباب حتى لو أصبح الوضع آمناً, لم أكن أريد الخروج من المنزل. قال ابني الأكبر “لا يا أمي ، هذه زوجة عمي ، ربما كل شيء أصبح على ما يرام ، نريد أن نذهب إلى الحي”. لذلك فتحنا الباب. قال لنا الداعشيون: ” نريد أن نأخذكم إلى المدرسة لمدة تقارب الساعة وبعدها سنعيدكم لأننا نريد تمشيط المنازل”.

تم استخدام فاديا بعد ذلك من قبل داعش لإقناع عائلات أخرى بالخروج من منازلهم وتم ضمهم إلى المجموعة بينما كانوا يقومون بنقلهم باتجاه وحدة زراعية. تم أخذ هواتفهم النقالة منهم. في البداية، كان مقاتلو داعش يدعون أنهم سيحتجزونهم لفترة قصيرة ثم سيُسمح لهم بالعودة إلى منازلهم، لكن الوضع تغير عندما تقرر أن فاديا والآخرين سيكونون أكثر فائدة كرهائن وكأوراق مساومة في المفاوضات مع الجيش العربي السوري والحكومة السورية, فتم نقلهم من القرية باتجاه تلال الصفا:

“أخذونا إلى شرق القرية لمدة 15 دقيقة ، وبعد ذلك أنزلونا إلى الوديان. مشينا لمدة 10 أو 11 ساعة بدون ماء أو طعام أو أي شيء ، وكان هناك أطفال وامرأة حامل ونساء كبار في العمر معنا.”

بتردد وصفت فاديا الشتائم التي ألقى بها مقاتلو داعش عليهم: “بالطبع ، استخدموا الكلمات السيئة ، أنتم كفار ، أنتم أنجاس وأشياء من هذا القبيل. “

تم عزل بعض الرهائن في وقت مبكر: “لقد عزلوا الشهيد مهند والشهيد قصي ويعرب ورجوان عنا، ووضعوهم في خيمة مجاورة لنا. أخذوهم وعصبوا أعينهم ووضعوهم في خيمة مجاورة لنا”.

وصفت فاديا كيف تم نقلهم من مكان إلى آخر، وكيف أمضوا في الكهف الأول مدة ستة أيام قبل الانتقال إلى منطقة مختلفة حيث أجبروا على الإيواء إلى واد ضيق وعر في المنطقة البركانية. تم إطعامهم وإعطائهم المياه بشكل متقطع ، وفي المرة الأولى التي حصلوا فيها على الماء كان مذاقه “مثل وقود الديزل”. وفي حين تعرض الكبار الذين كان معظمهم من النساء للإذلال اللفظي، تعرض الأطفال للضرب والإيذاء الجسدي:

“تعرضنا لكل أنواع العذاب, جعنا وعطشنا ، لقد أذلوا الأطفال أمامنا وضربوهم. بالنسبة إلينا، لم نتعرض للإذلال إلا بالكلمات ” أنتم خوارج ، أنتم نجسون “, لكنهم ضربوا الأطفال وأهانوهم, عندما يحضرون الماء, كنا نرسل الأطفال لجلب الماء لنا، كان معنا أطفال، إحداهن كانت طفلة تبلغ من العمر عامين ونصف. كان الأطفال يذهبون ويطلبون الماء، ثم يتعرضون للضرب ويعودون – يعرب ورجوان وقصي.”

مع تقدم الجيش العربي السوري، كان تنظيم داعش يقوم بنقل الرهائن إلى أماكن أكثر عمقاً في الصحراء. في إحدى المرات، أخبرتني فاديا أنهم ساروا لمدة ستة أيام متواصلة. كان الرهائن يحصلون على كوب واحد من الماء في اليوم لكل ثلاثة رهائن وحبتي تمر لكل رهينة. وأنهم لمدة ثلاثة أيام لم يتم إعطاؤهم شيئًا. عندما اقترب إطلاق النار ، كان الإرهابيون يوهمون الأطفال والأمهات بقولهم إنهم سيأخذون الأطفال نحو مواقع الجيش السوري ويحفرون قبرًا لهم حتى يسقطوا فيه عندما تتم إصابتهم.

استعادت فاديا ذكريات يوم تحريرهم. كان قصي قد ذهب لإحضار بعض الماء لهم في اتجاه الاشتباكات الشرسة بين داعش والجيش العربي السوري والتي كانت تجري في مكان قريب. كان معظم الرهائن قد لجأوا إلى إحدى شاحنات داعش ، لكن فاديا تسللت تحت الشاحنة وكانت تجلس على الأرض عندما عاد قصي بالماء. قالت:

“في هذه اللحظات أصيب قصي ورأفت بجراح ، خرجت عند سماع أختي وهي تصرخ “يا ويلتاه عليك ياقصي … تعالي وانظري إلى ولدك”. صعدت إلى الشاحنة ورأيت أن الغالي قد جرح ولكن -الحمد لله- كان لا يزال على قيد الحياة وبكامل وعيه، عاتبني قائلاً “ماما، لماذا لم تصعدي إلى السيارة؟ ولماذا مازلت هناك؟ ” و”ماما، ماذا حدث لعيني؟ “

حاولت فاديا طمأنة ابنها الصغير. اقترب جنود الجيش العربي السوري من الشاحنة وأخبروا الرهائن بأنهم أصبحوا بأمان. طلبت فاديا من أحد الجنود الاعتناء بابنها قصي. وصلت سيارة الإسعاف بعد فترة وجيزة وتم إجراء المعالجة الأولية لإصابات قصي.

“وصلنا إلى مستشفى تدمر ، أخبرونا بأن رأفت استشهد وأن وضع قصي حرج وسوف يرسلونه إلى المستشفى العسكري في حمص, فأخذناه إلى المستشفى العسكري في حمص وبعد ساعة أو ربما بعد 15 دقيقة من وصولنا قالوا لنا إنه استشهد.”

[ صورة بعنوان: فاديا تحضر الفواكه للضيوف في المضافة بعد الإدلاء بشهادتها | بكاميرا فانيسا بيلي.

رابط الصورة: https://www.mintpressnews.com/wp-content/uploads/2018/12/IMG_9805_edited-768×512.jpg ]

بكت فاديا خلال الجزء الأكبر من إفادتها ،ما زال جرحها بخسارة ولدها مفتوحاً على الرغم من الارتياح الناتج عن التحرير والعودة بأمان إلى عائلاتهم في الشبكي, كما أكدت مرارا أنها عادت “بكرامتها وشرفها”, ووصفت كيف تصرف قصي بحنان ونضج خلال تلك التجربة، وكيف اعتنى بها وبباقي الرهائن:

” كان قصي شابا كفؤً بالنسبة لي ، وجوده معي في الأسر وحنانه وأدبه وأخلاقه, مهما كان ما أقول له, ما كان ليقول لي ” لا يا أمي”. كان محبا لأولئك الذين كانوا حولنا في السويداء ، لأعمامه وعماته وعائلة عمه وإخوته. كان صادقًا معي حتى اللحظة الأخيرة عندما تم تحريرنا. حتى في اللحظات التي احتجنا فيها للمياه، أحضر لنا الماء ولم يشرب قطرة منه “.

[ فيديو: https://www.youtube.com/watch?v=PL8XoB3LQ4E ]

كانت كلمات فاديا الأخيرة كلمات أم فخورة ومكسورة عانت من صدمة مروعة ، وفي لحظة التحرير، أُجبرت على مشاهدة حياة ولدها الغالي تغرب أمام عينيها:

” جعلني قصي أشعر أن من كان معي لم يكن طفلاً في الرابعة عشرة من عمره. جعلني أشعر أنه رجل ، بطل حقيقي بكل معنى الكلمة. كان صادقا مع الجميع ، وكان حنوناً مع الجميع. الحمد لله على نعمته ، الحمد لله, الله يحبه, لقد أخذه إلى جانبه, الله يحبه ومنحه شرف الشهادة”.

[ صورة بعنوان: سعاد أديب أبو عمار, إحدى رهائن داعش اللاتي تم تحريرهن على يد الجيش العربي السوري في 8 تشرين الثاني 2018 | بكاميرا فانيسا بيلي.

رابط الصورة: https://www.mintpressnews.com/wp-content/uploads/2018/12/IMG_9807_edited-768×512.jpg ]

سعاد أديب أبو عمار هي والدة لميس البالغة من العمر 4 سنوات وميرنا البالغة من العمر 12 سنة اللتين كانتا مختطفتين من قبل داعش أيضاً كرهائن.

وصفت سعاد كيف جوعتهم داعش وأساءت إليهم وحرمتهم من الماء. كما أعربت عن غضبها من طريقة ضرب الأطفال وإهانتهم من قبل الإرهابيين:

” كان تعذيب أطفالنا أمام أعيننا أشد قسوة علينا من عذاب الأسر.”

أرادت سعاد مني أن أنقل الرسالة التي أسمعها كثيراً في سوريا. أرجوا من الشعوب الغربية أن يجبروا حكوماتهم على وقف تمويل الإرهاب ورفع العقوبات الاقتصادية التي تشكل عقاباً جماعياً للشعب السوري:

” لولا دعم الغرب للإرهابيين ، ما كان الناس يعانون ، وما كان الأطفال قد نزحوا وما كنا لنخسر هذا العدد الكبير من الشهداء. لذا نطالب أن يضغط الغربيون على حكوماتهم لتتوقف عن دعم الإرهابيين حتى نتمكن من العيش مع أطفالنا بسلام “.

[ صورة بعنوان: سعاد وابنتها ميرنا حكمت أبو عمار | بكاميرا فانيسا بيلي.

رابط الصورة: https://www.mintpressnews.com/wp-content/uploads/2018/12/IMG_9808_edited-768×512.jpg ]

أخبرتني ميرنا ابنة سعاد أنها كانت قد وعدت قصي بأنها لن تعود إلى المدرسة بدونه. جلست ميرنا إلى جانب صورة قصي وأخبرتني بخجل كم تفتقده وكم كانت تتمنى أن يعود معها إلى الشبكي.

[ صورة بعنوان: لميس البالغة من العمر 4 سنوات, ابنة سعاد وحكمت أو عمار | بكاميرا فانيسا بيلي.

رابط الصورة: https://www.mintpressnews.com/wp-content/uploads/2018/12/IMG_9813_edited-768×512.jpg ]

ربما كانت ابنة سعاد الأخرى لميس البالغة من العمر أربع سنوات هي الأكثر تأثراً بشكل واضح جراء أشهر الأسر الثلاثة لدى داعش. تعلقت بأبيها حكمت أبو عمار، ورفضت في البداية أن تتواصل بالنظر. كانت ترتدي نظارة شمسية بلاستيكية حمراء وتحاول بوضوح أن تختبئ وراءها. كانت تضع رأسها على صدر والدها وتبتعد إذا ما اقتربت منها. وبالتدريج ارتاحت وانضمت إلى بعض الأطفال الآخرين الذين كانوا يلعبون على الدرج خارج المضافة، لكن الحاجة إلى الشعور بالاطمئنان بين ذراعي والدها كانت تعيدها دائماً إلى والدها في الداخل.

[ صورة بعنوان: لميس ابنة الأربع سنوات مع والدها حكمت | بكاميرا فانيسا بيلي.

رابط الصورة: https://www.mintpressnews.com/wp-content/uploads/2018/12/IMG_9795_edited-768×512.jpg ]

في مقطع الفيديو التالي ، يقوم جندي من الجيش العربي السوري بحمل لميس المتأذية نفسياً جراء هول الصدمة بين ذراعيه, ويسألها إن كانت تريد العودة إلى منزلها في يوم تحريرها من داعش. ثم نرى لميس مع والدها في المضافة في الشبكي في اليوم الذي قابلت فيه الرهائن المحررين.

[ فيديو: https://www.youtube.com/watch?v=Hl13GrCtD50 ]

مثل الكثير من الأزواج والآباء الآخرين ، كان حكمت يعمل في السعودية في يوم الهجوم ولم يتمكن من العودة إلا بعد خمسة أيام طويلة. وصف حكمت المأساة القاسية والمدمرة التي لقيها عند عودته, والانتظار الطويل للأخبار حول زوجته وبناته وعودتهم في نهاية المطاف. أراد حكمت أيضاً أن يطلب من الناس في الغرب أن يجبروا حكوماتهم على وقف تمويل الإرهاب في سوريا.

[ فيديو: https://www.youtube.com/watch?v=8rGnxGAzQh8 ]

أخبرني حكمت أنه طوال فترة أسر زوجته وأطفاله ، لم يستطع أن يدخل إلى منزله.

” لمدة ثلاثة أشهر و 20 يومًا ، فترة الاختطاف، لم نتمكن من النوم ولم ندخل إلى منازلنا لأن أطفالنا مختطفون, لذلك لم نستطع أن ندخل إليها. “

● العذاب الممول من قبل الحكومات الغربية – والصراخ طلباً للمساعدة:

أظهر سكان الشريحي والشبكي والقرى الخمس الأخرى التي هاجمها تنظيم داعش في 25 تموز عام 2018 صموداً وثباتاً استثنائياً. وأشرقت كرامة النساء اللاتي تحدثت إليهن رغم الصدمة التي أُجبرن على تجربتها والخسائر التي عانين منها. لقد عبّر جميع من تحدثت معهم عن الفخر بمقاومة عدد قليل من المقاتلين المحليين قليلي الخبرة ممن حاربوا عصابة من المجرمين الإرهابيين والمجهزين بشكل جيد والمتمرسين في القتال.

[ صورة بعنوان: لميس تلعب بجوال والدها في الشبكي | بكاميرا فانيسا بيلي.

رابط الصورة: https://www.mintpressnews.com/wp-content/uploads/2018/12/IMG_9803_edited-768×512.jpg ]

● تبقى الحقيقة: أن هذه المجزرة كان يجب أن لا تحدث أبداً ، وقد حدثت لأن الحكومات الغربية تقوم بتمويل وتسليح العصابات الإرهابية التي غزت سوريا. وكما قالت شامداساني المتحدثة باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان في تقريرهم (1) عن حمام الدم في السويداء:

” إن نقل المقاتلين المسلحين الذين لهم تاريخ من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وانتهاك القانون الدولي يمكن أن يعني زيادة في احتمالية شن هجمات عنيفة ضد المدنيين مثل الهجمات التي جرت الأسبوع الماضي في السويداء ”.

[ (1)_ https://news.un.org/en/story/2018/07/1016002 ]

ما أخفقت شامداساني في توضيحه هو أن التحالف الأمريكي وحلفائه ووسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية “الإنسانية” المتحيزة لهم تحمي وتدعم وتسمح  بشكل فعال بوجود “مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

خلال زيارتي الأولى إلى الشريحي وخلال حديثي مع خالد صعب الذي تم قتل والدته ووالده وأخيه وابن عمه داخل منزلهم على يد داعش ، كانت كلمات خالد المثقلة بالمشاعر والتي قالها لي هي التعبير الأمثل عن الرسالة التي أعطيت لي مراراً من قبل المدنيين الذين لا يزالون مكلومين:

“لقد دافعنا عن أرضنا ومنازلنا لأن هذه الأرض ممزوجة بدم أجيال من شعبنا. لن نقبل أن يتمكن أناس بلا أخلاق أو بلا إنسانية من أن يمسوا هذه الأرض. سنبقى ، سنقف وندافع عن هذه الأرض حتى نموت, شبابنا قتلوا أولئك الإرهابيين مع أن الأسلحة التي امتلكوها كانت قديمة جداً، أسلحة بسيطة للغاية بينما كان مقاتلو داعش يمتلكون معدات حديثة باهظة الثمن لكننا تمكنا من هزيمتهم.” خالد صعب – قرية الشريحي.

[ صورة بعنوان: لميس تتعلق بوالدها على مدخل المضافة | بكاميرا فانيسا بيلي.
رابط الصورة: https://www.mintpressnews.com/wp-content/uploads/2018/12/IMG_9801_edited-768×512.jpg ]

الشعب السوري يعرف من هو المسؤول عن معاناتهم وقد ناشدنا أن نفعل شيئاً حيال ذلك. نحن ندين للميس ابنة الأربعة سنوات وللشهداء الأطفال قصي ورأفت ولجيل كامل من الأطفال المصابين بالصدمات جراء هذه الحرب في جميع أنحاء سوريا أن نستجيب لندائهم بأن نفعل شيئاً.

 [ فيديو بعنوان: مناشدة للغرب من قبل ضياء أبو عمار احد أبناء قرية الشبكي.

رابط الفيديو: https://www.youtube.com/watch?v=zjAzxk7GrQU ]

● الصورة الرئيسية للمقال: هي صورة نشرتها وكالة الأنباء السورية الرسمية سانا, يظهر فيها نساء وأطفال تم تحريرهم من داعش بعد وصولهم إلى محافظة السويداء في 9 تشرين الثاني 2018.

● فانيسا بيلي هي صحفية مستقلة وناشطة سلام ومصورة ومحرر شريك في موقع 21centurywire . تأهلت فانيسا إلى الدور النهائي في أحد أكثر جوائز الصحافة المرموقة وهي (جائزة مارثا جيلهورن للصحافة) لعام 2017, ومن بين الفائزين بهذه الجائزة: روبرت باري في عام 2017 وبارتريك كوكبيرن وروبرت فيسك ونيك ديفيز وفريق مكتب التحقيقات الاستقصائية. يمكنكم دعم فانيسا عبر صفحتها على موقع باتريون (Patreon).

● رابط المقال باللغة الإنكليزية: https://www.mintpressnews.com/isis-massacre-sweida-syria-torment-and-resilience-for-an-uninterested-world/252909/

Leave a comment